طلوع الفجر فی اللیالی المقمره: دراسه موضوعیه، و فقه استدلالی حول مساله طلوع الفجر ...

اشارة

سرشناسه : مرتضوی لنگرودی، محمدحسن، - 1308

عنوان و نام پديدآور : طلوع الفجر فی اللیالی المقمره: دراسه موضوعیه، و فقه استدلالی حول مساله طلوع الفجر .../ محمدحسن مرتضوی لنگرودی

مشخصات نشر : قم: موسسه انصاریان، [1373؟].

مشخصات ظاهری : ص 56

فروست : (بحوث فی فقه الامامیه 3)

یادداشت : کتابنامه به صورت زیرنویس

موضوع : ماه -- رویت (فقه)

رده بندی کنگره : BP188/13/م 4ط8 1373

رده بندی دیویی : 297/354

شماره کتابشناسی ملی : م 74-5604

[خطبة الكتاب و مقدمته]

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

الحمد للّه الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيٰاءً، وَ الْقَمَرَ نُوراً وَ قَدَّرَهُ مَنٰازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَ الْحِسٰابَ، مٰا خَلَقَ اللّٰهُ ذٰلِكَ إِلّٰا بِالْحَقِّ، ثمّ الصلاة و السلام على شمس فلك الهداية، و على آله المعصومين كواكب بروج الهداية، سيّما خاتمهم، و قائمهم، قطب دائرة الإمكان، ثمّ اللّعنة على أعدائهم أجمعين ما دارت السماوات و الأرضون إلى قيام يوم الدين.

و بعد: فيقول العبد الفاني السيّد محمد حسن المرتضويّ عفى اللّه عنه ابن العلّامة الآية العظمى السيّد مرتضى الحسينيّ اللنگروديّ الجيلانيّ قدّس سرّه الشريف لمّا انجرّت و انتهت بحوثنا الفقهيّة في

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 12

مواقيت الصلوات اليوميّة إلى البحث عن فريضة الصبح من حيث ابتداء وقتها من الفجر الصادق، و آل الأمر إلى بيان وقت الفريضة في اللّيالي المقمرة بالخصوص و لما يظهر من بعض الأعاظم اختلاف فتواه في وقت فريضة الفجر في اللّيالي المقمرة و وقت وجوب الإمساك في الصوم فيها بالنسبة إلى سائر اللّيالي حيث خالف المشهور في المسألتين فأوجب تأخير صلاة الفجر في اللّيالي المقمرة إلى أن يتجلّى الأفق و يغلب نوره نور القمر، و قال بمثل ذلك فيها في الصوم فنفى البعد عن جواز ترك الإمساك إلى ذلك الوقت، فوددت

أن أفرد لهذا الموضوع بحثا في رسالة وجيزة لعلّها تثمر، و تقع موردا للإفادة و الاستفادة سيّما لأهل العلم و روّاد الفضيلة إن شاء اللّه تعالى. و ما توفيقي إلّا باللّه العليّ العظيم عليه توكّلت و إليه أنيب.

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 13

اتّحاد وقتي صلاة الفجر و وجوب الإمساك في الصوم

اعلم أنّ النصوص الشرعيّة، و فتاوى الأصحاب تدلّان على اتحاد وقتي صلاة الصبح، و وجوب الإمساك في الصوم فثمرة النزاع و البحث تظهر حينئذ في الموردين.

الفجر الصادق و ما يعبّر عنه في أخبار الباب

لا ينبغي الإشكال في أنّ أوّل وقت فريضة الصبح الفجر الثاني المسمّى بالفجر الصادق، المفسّر باعتراض البياض في جهة الشرق، و صيرورته كالقبطيّة البيضاء، أو كنهر سورى، قبال الفجر الأول المسمّى بالفجر الكاذب المفسّر بتصاعد البياض في السماء مستدقّا يشبه ذنب السرحان أي الذئب.

و لعلّ التشبيه بذنب الذئب لمكان خروجه مستدقّا صاعدا في الأفق إذا شاله، و هو لاستطالته نحو السماء المتصاعد فيها، و لأجل سواد يتراءى من خلاله، أو أسفله يشبه ذنب الذئب.

و كيف كان سمّي الفجر الثاني صادقا لأنّه كلّما زدته نظرا فإنّه يصدّقك بزيادة حسنة عن الصبح، و يدلّك على الصبح واقعا.

كما أنّه سمّي الفجر الأوّل كاذبا لعدم دلالته على الصبح واقعا، بل كلّما زدته نظرا ينمحي أثره

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 14

إجماع علماء الإسلام على كون الفجر الثاني أوّل وقت فريضة الصبح

حكى العلّامة العامليّ قدّس سرّه في «مفتاح الكرامة» نفي الخلاف في أنّ أوّل وقت فريضة الصبح طلوع الفجر الثّاني عن جملة من كتب الأصحاب بل عن ثلّة أخرى من صحفهم الإجماع على ذلك، و عن طائفة ثالثة إجماع العلماء كافّة على ذلك «1» و قال شيخنا الأعظم الأنصاريّ قدّس سرّه: «أنّه لا خلاف فتوى و نصّا في أنّ أوّل وقت صلاة الصبح طلوع الفجر الثاني، و إنّما الخلاف في آخره فالمشهور امتداده إلى طلوع الشمس حكاه في المختلف عن السيد، و ابن الجنيد، و المفيد، و سلّار و ابن برّاج، و أبي الصلاح و ابن زهرة و ابن إدريس، و عن الشيخ في المبسوط و ابن أبي عقيل امتداده للمختار إلى طلوع الحمرة المشرقيّة، و للمضطرّ إلى طلوع الشمس» «2» و عن شرح «منهاج الشريعة» إجماعا تحصيلا، و نقلا مستفيضا منّا، بل من المسلمين على ذلك،

و عن ظاهر بعض المحقّقين عدّه من ضروريّات المذهب.

______________________________

(1) مفتاح الكرامة، ج 2، ص 30

(2) كتاب الصّلاة، ص 24.

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 15

و قال شيخنا البهائيّ قدّس سرّه: «قد أجمع أهل الإسلام على أنّ وقت صلاة الصبح طلوع الفجر الثاني- أعني المعترض المتّصل بالأفق المسمّى بالصبح الصادق، دون الأوّل، المستدقّ الذي يتوسّط بينه و بين الأفق ظلمة، و هو المسمّى بالصبح الكاذب» «1» و قال أستاذنا العلّامة البروجرديّ قدّس سرّه: «اتّفق المسلمون كافّة على أنّ أوّل وقت صلاة الفجر هو طلوع الفجر الصادق كما أنّه أوّل وقت الصوم أيضا. و ما حكي من اعتماد عوام المخالفين على الفجر الكاذب فعلى فرض صحّة الحكاية سيرة مستمرّة بين العوام، و لا يقول به أحد من علمائهم كما يظهر ذلك لمن راجع فتاواهم» «2»

اتّفاق المسلمين على كون الفجر الثاني مبدء وجوب الإمساك في الصوم

و الظاهر أنّ أوّل وقت الصوم و وجوب الإمساك أيضا طلوع الفجر الثّاني بيننا، بل بين المسلمين، و لم يحك خلاف في ذلك إلّا عن الأعمش فقال على ما حكي عنه: إنّ أوّل وقت الصوم طلوع الشمس «3» و لكنّه مردود بالاتّفاق على خلافه.

______________________________

(1) حبل المتين، ص 144.

(2) نهاية التقرير، ج 1، 68.

(3) نهاية التقرير، ج 1، 68

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 16

افتراء الآلوسيّ على الإماميّة في مبدء وجوب الإمساك في الصوم

فمن الافتراء على أصحابنا الإماميّة رضوان اللّه عليهم ما في تفسير روح المعاني (ج 2 ص 58) من نسبة جواز فعل المحذورات بعد طلوع الفجر إليهم، و ليست هذه أوّل قارورة كسرت في الإسلام، فكم من افتراء من المخالفين على الشيعة الإماميّة ما هم برآء منه، و منزّهون عنه يجده من له إلمام بمعتقدات الإماميّة- فلا حظ «الغدير» و «العبقات»، و «دلائل الصدق» و غيرها من الموسوعات في هذا الباب.

هذا موقف المسألة من جهة آراء علماء المذهب و الدين و المتحصّل من ذلك موضوعيّة طلوع الفجر الثاني، و اعتراض البياض في جهة الشرق لجواز فريضة الفجر، و وجوب الإمساك في الصوم.

أخبار الباب

يدلّك على ذلك مضافا إلى تسالم الأمر بين الأصحاب بل بين المسلمين أخبار مستفيضة

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 17

منها ما رواه شيخ الطائفة قدّس سرّه عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي ركعتي الصبح، و هي الفجر، إذا اعترض الفجر، و أضاء حسنا «1» و منها ما رواه الشيخ الصدوق قدّس سرّه مرسلا:

قال: و روي أنّ وقت الغداة إذا اعترض الفجر فأضاء حسنا، و أمّا الفجر الذي يشبه ذنب السرحان فذاك الفجر الكاذب، و الفجر الصادق هو المعترض كالقباطيّ «2» و منها ما رواه شيخنا الكلينيّ و الشيخ الصدوق قدّس سرّهما عن أبي بصير ليث المراديّ.

قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام فقلت: متى يحرم الطعام و الشراب على الصائم؟ و تحلّ الصلاة، صلاة الفجر؟

فقال: إذا اعترض الفجر فكان كالقبطيّة البيضاء، فثم يحرم الطعام على الصائم، و تحلّ الصلاة، صلاة الفجر. «3»

و نحوه ما رواه شيخ الطائفة عن أبي بصير المكفوف

مع

______________________________

(1) الوسائل، باب 27، من أبواب المواقيت، حديث 5.

(2) الوسائل، باب 27، من أبواب المواقيت، حديث 3.

(3) الوسائل، باب 27، من أبواب المواقيت، حديث 1.

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 18

اختلاف في بعض الألفاظ قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الصائم متى يحرم عليه الطعام؟ فقال: إذا كان الفجر كالقبطيّة البيضاء، قلت فمتى تحلّ الصلاة؟ فقال: إذا كان كذلك. «1»

و في كون أبي بصير المكفوف هذا، هو أبو بصير المرادي، أو غيره كلام مذكور في «الحدائق» «2» و «التنقيح» «3» من شاء فليراجعهما

تفسير الألفاظ الواقعة في أخبار الباب

القبطيّة كما عن الجوهريّ: ثياب دقاق من كتّان تتّخذ بمصر، و عن القاموس: القبط بالكسر. أهل مصر و نبكها: أي أصلها، و إليهم ينسب الثياب القبطيّة بالضمّ على غير قياس، و قد يكسر، و جمعه قباطيّ، و عن مصباح المنير القبط بالكسر نصارى مصر، الواحد قبطيّ على غير القياس، و القبطيّ، بالضم ثوب من كتّان، فيقال يعمل بمصر، نسبة إلى القبط على غير القياس، فرقا بين الإنسان و الثوب، و ثياب قبطيّة بالضّمّ، و جبّة قبطيّة، و الجمع قباطيّ.

و في حبل المتين: القبطيّة، بكسر القاف و إسكان الباء الموحّدة و

______________________________

(1) الوسائل، باب 28، من أبواب المواقيت، حديث 2.

(2) الحدائق الناضرة، ج 6/ 209.

(3) التنقيح- الصلاة، ج 1/ 282.

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 19

تشديد الياء منسوبة إلى القبط و هي ثياب تتّخذ بمصر.

و قد جمع الشيخ الطريحيّ قدّس سرّه في مجمع البحرين مختلف عبارات أرباب اللّغة فراجع.

و لعلّ وجه تشبيه الفجر الصادق المعترض، بالثياب القبطيّة كما أفيد هو شدّة بياض تلك الثياب المنتشرة بياضها عرضا كأنّه يتلألأ و يتجلّل في النظر، فالفجر الصادق المعترض في

أفق السماء المنتشر ضياؤه في عرض الأفق بمنزلة تلك الثياب المنتشرة بياضها عرضا، و لذا يشبه بالنهر السوري كما في الخبر الآتي.

و منها ما رواه المشايخ الثلاث عن عليّ بن عطيّة، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال: الصبح (الفجر) هو الذي إذا رأيته كان معترضا كأنّه بياض نهر سوراء «1» و نحوه خبر هشام بن الهذيل، عن أبي الحسن الماضي عليه السّلام قال: سألته عن وقت صلاة الفجر؟ فقال: حين يعترض الفجر فتراه مثل نهر سوراء «2»

______________________________

(1) الوسائل، باب 27، من أبواب المواقيت، حديث 2.

(2) الوسائل، باب 27، من أبواب المواقيت، حديث 6.

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 20

قلت: عن القاموس سورى كطوبى عين بالفرات، و في مجمع البحرين: سورى كطوبى و قد يمدّ: بلدة بالعراق من أرض بابل و في الحديث و قد سئل عن الفجر؟ قال: إذا رأيته معترضا كأنّه بياض نهر سورى يريد به الفرات.

و منها ما رواه شيخنا الكلينيّ قدّس سرّهما عن عليّ بن مهزيار قال: كتب أبو الحسن بن الحصين إلى أبي جعفر الثاني عليه السّلام معي:

جعلت فداك، قد اختلف موالوك (مواليك) في صلاة الفجر، فمنهم من يصلّي إذا طلع الفجر الأوّل المستطيل في السماء، و منهم من يصلّي إذا اعترض في أسفل الأفق و استبان و لست أعرف أفضل الوقتين فأصلّي فيه فإن رأيت أن تعلّمني أفضل الوقتين، و تحدّه لي، و كيف أصنع مع القمر، و الفجر لا يتبيّن (تبين) معه حتّى يحمرّ، و يصبح؟ و كيف أصنع مع الغيم؟ و ما حدّ ذلك في السفر و الحضر؟ فعلت إن شاء اللّه فكتب عليه السّلام بخطّه و قرأته: الفجر يرحمك اللّه هو الخيط الأبيض المعترض،

و ليس هو الأبيض صعداء، فلا تصلّ في سفر و لا حضر حتّى تبيّنه فإنّ

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 21

اللّه تبارك و تعالى لم يجعل خلقه في شبهة من هذا، فقال: كلوا و اشربوا حتّى يتبيّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر «1» فالخيط الأبيض هو المعترض الذي يحرم به الأكل و الشرب في الصوم، و كذلك هو الذي يوجب به الصلاة «2» و روى شيخ الطائفة عن الحصين (بن أبي الحصين) قال كتبت إلى أبي جعفر عليه السّلام و ذكر مثله «3» و منها ما رواه شيخنا الكلينيّ قدّس سرّه عن الحلبيّ قال:

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن «الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ.» فقال: بياض النهار من سواد اللّيل، قال عليه السّلام:

و كان بلال يؤذّن للنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و ابن أمّ مكتوم، و كان أعمى يؤذّن بليل، و يؤذّن بلال حين يطلع الفجر، فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إذا سمعتم صوت بلال فدعوا الطعام، و الشراب فقد أصبحتم «4».

______________________________

(1) البقرة، 187.

(2) الوسائل، باب 27، من أبواب المواقيت، ح 4.

(3) الوسائل، باب 27، من أبواب المواقيت، ح 4.

(4) الوسائل، باب 42، من أبواب ما يمسك عنه الصائم، ح 1.

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 22

و منها ما رواه شيخنا الصدوق قدّس سرّه قال: و سئل الصادق عليه السّلام عن «الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ» فقال عليه السّلام: بياض النهار من سواد اللّيل «1».

و في خبر آخر: و هو الفجر الذي لا يشكّ فيه «2».

و منها ما رواه العلّامة السيوطيّ عن ثوبان أنّه بلغه أنّ رسول اللّه صلّى

اللّه عليه و آله.

قال: الفجر فجران فأمّا الذي كأنّه ذنب السرحان فإنّه لا يحلّ شيئا و لا يحرّمه و أمّا المستطيل الذي يأخذ الأفق فإنّه يحلّ الصلاة و يحرّم الطعام «3» و منها غير ذلك من الأخبار الدالّة على أنّ وقت فريضة الصبح و وجوب الإمساك في الصوم طلوع الفجر الثاني.

______________________________

(1) الوسائل، باب 43، من أبواب ما يمسك عنه الصائم، ح 2.

(2) الوسائل، باب 43، من أبواب ما يمسك عنه الصائم، ح 3.

(3) الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور، ج 1/ 200.

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 23

تخيّل عديّ بن حاتم الخيط الأسود و الخيط الأبيض و دفعه

و قد ذكر في كتب الفريقين: أنّه بعد ما ورد قوله تعالى كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتّٰى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ «1» تخيّل عديّ بن حاتم من الخيط الأبيض و الخيط الأسود معنا و مفهوما ردعه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و قد حكي بألفاظ مختلفة نذكر ما رواه العلّامة السيوطيّ عن ابن جرير و ابن أبي حاتم عن عديّ بن حاتم قال: أتيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فعلّمني الإسلام و نعت إليّ الصلوات الخمس كيف أصلّي، كلّ صلاة لوقتها، ثمّ قال: إذا جاء رمضان فكل و اشرب حتّى يتبيّن لك الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، ثمّ أتمّ الصيام إلى اللّيل، و لم أدر ما هو، ففتّلت خيطين من أبيض و أسود، فنظرت فيهما عند الفجر فرأيتهما سواء، فأتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقلت: يا رسول اللّه كلّ شي ء أوصيتني قد حفظت غير الخيط الأبيض من

______________________________

(1) البقرة، 187.

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 24

الخيط الأسود قال: و ما منعك يا بن حاتم و

تبسّم كأنّه قد علم ما فعلت. قلت: فتّلت خيطين من أبيض و أسود فنظرت فيهما من اللّيل فوجدتهما سواء، فضحك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتّى رئي نواجده ثمّ قال: أ لم أقل لك «مِنَ الْفَجْرِ»، إنّما هو ضوء النهار من ظلمة اللّيل «1».

ذكر و تبيين

و لقد أجاد أستاذنا العلّامة الطباطبائي قدّس سرّه في تفسيره القيّم في تفسير الآية المباركة ما ينبغي إيراده تشحيذا للأذهان و تأكيدا للمقال حيث قال قدّس سرّه:

«الفجر فجران، فجر أوّل يسمّى بالكاذب لبطلانه بعد مكث قليل و بذنب السرحان لمشابهته ذنب الذئب إذا شاله و عمود شعاعيّ، يظهر في آخر اللّيل في ناحية الأفق الشرقيّ إذا بلغت فاصلة الشمس من دائرة الأفق إلى ثمانية عشر درجة تحت الأفق ثمّ يبطل بالاعتراض، فيكون معترضا مستطيلا على الأفق كالخيط الأبيض الممدود عليه و هو الفجر الثاني و يسمّى الفجر الصادق لصدقه فيما يحكيه و يخبر به من قدوم النهار و اتّصاله بطلوع الشمس.

______________________________

(1) الدّرّ المنثور في التفسير بالمأثور، ج 1/ 199.

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 25

و من هنا يعلم أنّ المراد من الخيط الأبيض هو الفجر الصادق، و أنّ كلمة «من» بيانية و أنّ قوله تعالى «حَتّٰى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ» من قبيل الاستعارة بتشبيه البياض المعترض على الأفق من الفجر، المجاور لما يمتدّ معترضا معه من سواد اللّيل، بخيط أبيض يتبيّن من الخيط الأسود.

و من هنا يعلم أيضا أنّ المراد هو التحديد بأوّل حين من طلوع الفجر الصادق، فإنّ ارتفاع شعاع بياض النهار يبطل الخيطين فلا خيط أبيض، و لا خيط أسود. «1»»

كيفيّة تحقّق الفجر

يعجبني إيراد ما أفاده آية اللّه على الإطلاق العلّامة الحليّ قدّس سرّه في كتابه القيّم «المنتهى» في كيفيّة تحقّق الفجر لعلّه ينتفع به لما نحن بصدد بيانه إن شاء اللّه تعالى.

و ليعلم أنّ ما أفاده قدّس سرّه و إن كان مبتنيا على ما عليه قدماء الهيويّين من حركة الشمس حول الأرض و قد تقرّر في علم الهيئة

الحديث حركة الأرض حول الشمس.

و لكن اختلاف النظرين لا يضرّ ما نحن بصدده كما لا يخفى على

______________________________

(1) الميزان، في تفسير القرآن، ج 2/ 48.

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 26

أرباب البصيرة و من له معرفة بأنظار قدماء الهيويّين و متأخّريهم و لذا ترى توافق استخراج قدماء المنجّمين و متأخّريهم في معرفة الخسوف و الكسوف و طلوع الكواكب و غروبها و رؤية الهلال و عدمها إلى غير ذلك من المباحث و المسائل الهيويّة، مع ابتناء استخراج قدمائهم على هيئة بطلميوس المبتنية على سكون الأرض و مركزيّتها و حركة الأفلاك و الكواكب حولها على خلاف ما عليه المتأخّرون من حركة الأرض و سائر الكواكب السيّارة حول الشمس، مع ما لها من الحركة الانتقاليّة و الوضعيّة.

نعم لعلّ استخراج المتأخّرين أدقّ بلحاظ وجود أدوات و آلات دقيقة عندهم كالتلسكوبات و نحوها ممّا لم تكن عند القدماء كما لا يخفى.

و كيف كان نذكر نصّ مقال العلّامة قدّس سرّه أولا و لإيضاح مقاله و شرح مرامه نذكر ثانيا في الهامش ما علّقه عليه شيخنا البهائيّ قدّس سرّه.

قال العلّامة قدّس سرّه:

«اعلم أنّ ضوء النهار من ضياء الشمس و إنّما يستضي ء بها «1» ما كان كملا في نفسه كثيفا في جوهره كالأرض و القمر. و أجزاء الأرض

______________________________

(1) قال شيخنا البهائيّ قدّس سرّه «قوله طاب ثراه إنّما يستضي ء» إلخ: ناظر إلى ما ذهب إليه جماعة من أنّ الهواء الصافي من الشوائب لا يتكيّف بالضوء و إنّما يتكيّف به الهواء المخالط للأجزاء البخاريّة و الدخانيّة أعني كرة البخار الّتي فيها يتحقّق الصبح و الشفق.

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 27

المتّصلة و المنفصلة كلّما يستضي ء من جهة الشمس فإنّه يقع له ظلّ

من ورائه و قد قدّره اللّه بلطيف حكمته دوران الشمس حول الأرض، فإذا كانت تحتها وقع ظلّها فوق الأرض على شكل مخروط «1» و يكون للهواء المستضي ء بضياء الشمس محيط بجوانب ذلك المخروط فيستضي ء نهايات الظلّ بذلك الهواء المضي ء، لكن ضوء الهواء ضعيف «2» إذ هو مستعار فلا ينفذ كثيرا في أجزاء المخروط بل كلّما ازداد بعدا ازداد ضعفا. فإذن متى تكون في وسط المخروط تكون في أشدّ الظلام، فإذا قربت الشمس من الأفق الشرقيّ مال مخروط الظلّ عن سمت الرأس و قربت الأجزاء المستضيئة من حواشي الظلّ بضياء الهواء من البصر و فيه أدنى قوّة فيدركه البصر عند قرب الصباح و على هذا كلّما ازدادت الشمس قربا من الأفق ازداد ضوء نهايات الظلّ قربا من البصر إلى أن

______________________________

(1) قال الشيخ قدّس سرّه: حكمه طاب ثراه بمخروطيّة شكل الأرض مبنيّ على ما قام عليه البرهان في محلّه من أنّ الشمس أعظم من الأرض و أنّه متى استضاءت كرة صغرى من كرة عظمى كان المضي ء من الصغرى أكثر من نصفها و المظلم أقلّ منه و يكون ظلّها مخروطيّا.

(2) قال الشيخ قدّس سرّه: قوله: لكن ضوء الهواء ضعيف إلخ يريد أنّ الهواء لمّا كان تكيّفه بالضوء بواسطة مخالطة الأجزاء البخاريّة القليلة الكثافة، لم يكن شديد الضوء و أنّه كلّما ازداد بعدا عنّا ازداد ضوؤه ضعفا في الحسّ إلى أن ينعدم بالكلّيّة و لذلك لا يرى في أواسط اللّيل شي ء من ذلك الضوء أصلا.

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 28

تطلع الشمس و أوّل ما يظهر الضوء «1» عند قرب الصباح يظهر مستدقّا مستطيلا كالعمود و يسمّى الصبح الكاذب و الأوّل و يشبه بذنب السرحان لدقّته و

استطالته و يسمّى الأوّل لسبقه على الثاني و الكاذب لكون الأفق مظلما أي لو كان يصدق أنّه نور الشمس لكان المنير مما يلي الشمس دون ما يبعد منه و يكون ضعيفا دقيقا و يبقى وجه الأرض على ظلامه بظلّ الأرض ثمّ يزداد هذا الضوء إلى أن يأخذ طولا و عرضا

______________________________

(1) قال الشيخ قدّس سرّه: و أما قوله إنّ أوّل ما يظهر الضوء عند قرب الصباح يظهر مستدقّا مستطيلا إلى قوله لكون الأفق مظلما إلخ فهو متضمّن لحكمين:

الأوّل: استطالة الصبح الكاذب و الثاني: كون ما بينه و بين الأفق مظلما.

و هذان الأمران معلومان بالمشاهدة و السبب فيهما هو أنّ مخروط الظلّ إذا زاد ميلة نحو الأفق الغربيّ لقرب الشمس من الأفق الشرقيّ ازداد الضوء المحيط به قربا إلى الناظر و أوّل ما يرى منه ما هو أقرب إليه و هو موقع خطّ خارج من بصره عمودا على الضلع الذي يلي الشمس من ضلعي المثلّث الحاصل من قطع المخروط بسطح ما يساويه و مركز الأرض و الشمس و إنّما كان هذا الموقع أقرب إلى الناظر لأنّ هذا العمود أقصر الخطوط الخارجة من البصر منتهية إلى الضلع المذكور، فإنّه وتر حادة في كلّ مثلّث يحدث منه و من خط شعاعيّ ينتهي إلى ذلك الضلع و هذا الخطّ وتر قائمة و الزاوية العظمى بوترها الضلع الأطول، فأوّل ما يرى من ذلك الضلع المواضع الّتي هي موقع العمود المذكور و مواقع الخطوط الشعاعيّة الّتي هي أقرب إليه دون البعيدة عنه لزيادة بعد مواقعها عن البصر، فلذلك يرى الفجر الكاذب مستطيلا و القطعة الّتي بينه و بين الأفق مظلمة، ثمّ إذا ازداد قرب الشمس استنارت تلك القطعة و اعترض الضوء،

و هو الفجر الصادق. انتهى ما أفاده شيخنا البهائيّ في حبل المتين، ص 146.

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 29

فينبسط في عرض الأفق كنصف دائرة و هو الفجر الثاني الصادق لأنّه صدّقك عن الصبح و بيّنه لك و الصبح ما جمع بياضا و حمرة و منه سمّي الرجل الذي في لونه بياض و حمرة أصبح. و يزداد الضوء إلى أن يحمرّ الأفق ثمّ تطلع الشمس و بالفجر الثاني يتعلّق الحكم من وجوب الصلاة و أحكام الصوم الآتية لا الفجر الأوّل. انتهى كلامه أعلى اللّه مقامه «1».

مبدئيّة البياض المعترض لوجوب الإمساك في الصوم و جواز صلاة الفجر

فتحصّل ممّا ذكرنا أنّ طلوع الفجر الذي جعل مبدءا لوجوب الإمساك في الصوم و جواز صلاة الفجر إنّما هو البياض المعترض في الأفق في ناحية الشرق و قد شبّه في الكتاب العزيز بالخيط الأبيض و في بعض الأخبار بالقبطيّة البيضاء أو بياض نهر سورى و هو الذي يأخذ طولا و عرضا و ينبسط في عرض الأفق كنصف الدائرة نظير زوال الشمس و غروبها فإن أحرز تحقّقه خارجا و لو بلحاظ محاسبة حركة الفلك و الموازين العلميّة و نحوها فيترتّب عليه جواز صلاة الفجر و وجوب الإمساك في الصوم و إن كان هناك مانع عن رؤيته لعمى أو غيم أو عجّة أو نحوها.

و السرّ في ذلك هو تحقّق الفجر في الواقع و الخارج و هو متبيّن في

______________________________

(1) منتهى المطلب، ج 1/ 206.

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 30

نفسه من غير قصور و القصور إنّما هو في الرائي.

و لعلّ هذا واضح لا غبار عليه و لم يختلف فيه اثنان بالنسبة إلى ما ذكرناه و ما ضاهاه.

نعم وقع الكلام فيما إذا كان عدم رؤية البياض المعترض في الأفق مستندا

إلى غلبة نور القمر و قاهريّته عليه بحيث اندكّ نوره في نور القمر فهل يحكم عند ذلك بجواز صلاة الفجر و وجوب الإمساك في الصوم، أو لا يترتّب عليه شي ء منهما إلّا بعد تبيّن الفجر حسّيّا و ذلك بعد ربع ساعة تقريبا أو أقلّ أو أكثر حسب اختلاف نور القمر و قربه من الأفق المرئيّ؟ وجهان، بل قولان.

نظريّة العلّامة الهمدانيّ و أستاذنا العلّامة الخمينيّ قدّس سرّهما في طلوع الفجر في اللّيالي المقمرة

صرّح الفقيه المحقّق الهمدانيّ قدّس سرّه بأنّ:

«مقتضى ظاهر الكتاب و السنّة، و كذا فتاوى الأصحاب اعتبار اعتراض الفجر و تبيّنه في الأفق بالفعل فلا يكفي التقدير مع القمر لو أثّر في تأخّر تبيّن البياض المعترض في الأفق، و لا يقاس ذلك بالغيم و نحوه فإنّ ضوء القمر مانع عن تحقّق البياض ما لم يقهر ضوء الفجر، و الغيم مانع عن الرؤية لا عن التحقّق، و قد تقدّم في مسألة التغيّر التقديريّ في

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 31

مبحث المياه من كتاب الطهارة ما له نفع للمقام فراجع «1»» و وافقه أستاذنا العلّامة المجدّد الخمينيّ قدّس سرّه قائد الثورة الإسلامية في إيران الإسلاميّة فاحتاط في رسالته العمليّة أوّلا بتأخير صلاة الفجر في اللّيالي المقمرة حال طلوع الفجر إلى أن يتجلّى الأفق و يغلب نوره نور القمر إلى أن نفى البعد ثانيا بلزوم التأخير إلى ذلك الوقت.

و قال قدّس سرّه بمثل ذلك في لزوم الإمساك في الصوم فاحتاط أوّلا بترك الإمساك إلى أن يتجلّى الأفق إلى أن نفى البعد بجواز الإفطار إلى ذلك الوقت.

و قد انتشر أخيرا مقال منه قدّس سرّه في بيان مختاره.

استدلّا قدّس سرّهما لمختارهما بظاهر الكتاب و السنّة و ظاهر الفتاوى و أوضحه سماحة الأستاذ قدّس سرّه بما حاصله.

تقريب الاستدلال بظاهر الكتاب لنظريّة العلمين

أمّا الكتاب العزيز فهو قوله تعالى كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتّٰى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ «2». لأنّ معناه حتّى يتميّز

______________________________

(1) كتاب الصلاة من مصباح الفقيه، ص 25.

و سنتعرّض لما أفاده قدّس سرّه في مسألة تغيّر الماء في آخر هذه الوجيزة، و نشير إلى ما فيه فانتظر.

(2) البقرة، 187.

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 32

الخيط الأبيض الذي هو

من النهار من الخيط الأسود الذي هو من اللّيل فعقّبه بقوله تعالى من الفجر، الظاهر في التبيّن بأنّ ذلك التميّز هو الفجر.

و واضح أنّ المتراءى من التبيّن و التميّز هو الفعليّ التحقيقيّ لا التقديريّ كما هو الشأن في جميع العناوين المأخوذة موضوعات للأحكام و الآثار.

و توهّم أنّ التبيّن قد أخذ على وجه الطريقيّة فمعناه حتّى تعلم فيكون طريقا إلى الصبح الذي هو ساعة معيّنة و هو وصول شعاع الشمس إلى حدّ من الأفق بحيث لو لم يكن هناك مانع لترى آثاره.

أو أنّ تبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود أمارة للفجر الذي هو وصول شعاع الشمس بحدّ خاصّ من الأفق فالعلم به يكون متّبعا و لو تخلّفت الأمارة.

مدفوع بأنّ كلّ ذلك خلاف ظاهر الآية الشريفة لاستلزامه القول بالتقدير، فإنّ ظاهرها أنّ تبيّن الخيطين و امتيازهما واقعا هو الفجر، لا أنّ الفجر شي ء آخر.

و بالجملة امتياز الخيطين و تبيّنهما لا واقع له إلّا بتحقّق الخيطين حسّا، فإذا كان نور القمر قاهرا لا يتبيّن الخيطان و لا يكاد يتميّزان حتّى يظهر ضياء الشمس و يغلب على نور القمر.

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 33

تقريب الاستدلال بظاهر السنّة لمقال العلمين

و أمّا السنّة فكثيرة ظاهرة في المطلوب بل بعضها كالنصّ عليه.

فمنها ما عن الفقيه عن أبي بصير ليث المراديّ.

قلت: يعني قدّس سرّه قول الصادق عليه السّلام: إذا اعترض الفجر فكان كالقبطيّة البيضاء «1» و منها رواية هشام بن الهذيل عن أبي الحسن الماضي عليه السّلام قلت: يعني قدّس سرّه قوله عليه السّلام في الجواب عن وقت صلاة الفجر حين يعترض الفجر فتراه مثل نهر سوراء «2».

و منها ما عن فقه الرضا عليه السّلام قال: أوّل وقت الفجر اعتراض الفجر في أفق الشرق و

هو بياض كبياض النهار «3» و ظاهر أنّ الكون كالقبطيّة البيضاء و كالنهر السوري و أمثال هذه التعبيرات لا ينطبق إلّا على التميّز الحسّي و الإضاءة الحسّيّة.

و أظهر منها خبر عليّ بن مهزيار «4».

فالخيط الأبيض هو المعترض الذي يحرم به الأكل و الشرب في.

______________________________

(1) لاحظ ج 1، باب 27 من أبواب المواقيت من الوسائل.

(2) الوسائل، باب 27، من أبواب المواقيت، ح 6.

(3) مستدرك الوسائل، باب 20، من أبواب المواقيت، ح 1.

(4) الوسائل باب 27، من أبواب المواقيت، ح 4

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 34

الصوم و كذلك هو الذي يوجب الصلاة و اشتماله على الغيم في سؤال السائل لا ينافي ما نحن بصدده فإنّ الفرق بين ضوء القمر الذي هو مانع عن تحقّق البياض رأسا مع الغيم الذي هو لحجب عارض مانع عن الرؤية واضح.

الاستظهار من فتاوى الأصحاب و مقتضى الأصل لما أفاداه

و أمّا فتاوى الأصحاب فظاهر فيما ذكرناه. أضف إلى ذلك أنّ مقتضى الأصل و الأصول ذلك و لا مخرج عنها فإنّ الأدلّة لو لم تكن ظاهرة فيما ذكرناه لم تكن ظاهرة في القول الآخر فلا محيص إلّا عن التمسّك بالاستصحاب الموضوعيّ أو الحكميّ مع الخدشة في الأوّل كما ذكرت في محلّها انتهى ما أفاده قدّس سرّه ملخّصا.

المراد باعتراض الفجر و تبيّنه في الأفق

أقول: لا يخفى أنّ ما أفاداه قدّس سرّهما بعيد عن الصواب و ذلك لأنّه لا يستفاد من قوله تعالى كُلُوا وَ اشْرَبُوا الآية إلّا ما يستفاد من أخبار الباب و المتحصّل من أخبار الباب هو المتحصّل من قوله تعالى فكما يستفاد من أخبار الباب موضوعيّة اعتراض الفجر المتبيّن في الأفق فعلا و صيرورته كالقبطيّة البيضاء أو كنهر سورى لترتّب الآثار و الأحكام كذلك

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 35

يستفاد من الآية الشريفة موضوعيّة تبيّن الفجر في الأفق فعلا لحرمة الأكل و الشرب و جواز صلاة الفجر.

و واضح أنّ المراد باعتراض الفجر و تبيّنه هو تحقّق قرب الشمس في حركتها نحو الأفق أو حركة الأرض عليها- حسب اختلاف نظر القدماء و المتأخّرين في حركة الشمس حول الأرض، أو حركتها على محور الشمس- بحيث يمكن رؤية ضوئها لو لم يكن في الخارج مانع و هو المناط في ترتب الآثار و الأحكام و ذلك يختلف باختلاف الأيّام و الفصول كما أنّ مناط تحقّق زوال الشمس ميل الشمس عن دائرة نصف النهار إلى طرف المغرب و مناط تحقّق المغرب سقوط قرص الشمس و زوال الحمرة المشرقية من قمّة الرأس.

فمع العلم بتحقّقه و لو بالموازين العلميّة و القواعد النجوميّة تصحّ صلاة الفجر و يجب الإمساك في الصوم و إن لم يكن

البياض المنتشر مشاهدا و محسوسا لقاهريّة نور القمر عليه و يكون و زان بياض الفجر و تبيّنه بالنسبة إلى نور القمر و زان نور سراج ضعيف واقع في نور شديد لسراج آخر، فكما أنّ نور السراج الضعيف موجود و متحقّق و لكنّه لا ظهور له مع النور الشديد كذلك البياض المنتشر في الأفق متحقّق بالفعل و متبيّن في نفسه و لكن لا ظهور له مع غلبة نور القمر.

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 36

وزان نور القمر و زان الغيم و العجّة من بعض الجهات

فعلى هذا يكون و زان نور القمر و زان الغيم و العجّة و نحوهما من بعض الجهات فكما أنّ الغيم و العجّة مانعان عن رؤية البياض و تبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود فكذلك نور القمر مانع عن رؤيتهما.

فإذا موضوع الأثر و الحكم الشرعيّ متحقّق فعلا لا تقدير فيه و لكن نور القمر مانع عن الرؤية.

فقد ظهر ممّا ذكرناه أنّ ظاهر قوله تعالى «مِنَ الْفَجْرِ» بيان للخيط الأبيض لا بيان لتبيّن الخيط كما صرّح بذلك سماحة الأستاذ قدّس سرّه و من الواضح أنّ نور القمر مانع عن رؤية الخيط لا عن تحقّق الخيط فتدبّر.

مانعيّة نور القمر عن رؤية البياض المعترض و الخيط الأبيض لا عن تحقّقهما

فما أفاده العلمان من أنّ نور القمر مانع عن تحقّق البياض غير ظاهر لما أشرنا إليه من أنّ البياض المعترض في الأفق أو الخيط الأبيض أو غيرهما يتحقّق بقرب الشمس في حركتها نحو الأفق أو حركة الأرض عليها سواء كان هناك نور القمر أو الغيم أو العجّة أو لم يكن.

فلا فرق بين نور القمر و الغيم في كونهما مانعين عن الرؤية لا عن

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 37

التحقّق و إن كان بينهما فرق من جهات أخرى كما لا يخفي.

فموضوع الأثر عند قاهريّة نور القمر متحقّق فعلا لا تقدير فيه، و لكن نور القمر مانع عن رؤيته.

عدم موضوعيّة الخيط الأبيض في اللّيالي المقمرة على رأي العلمين

أضف إلى ذلك أنّه على ما أفاده العلمان لا يكون الخيط الأبيض في اللّيالي المقمرة موضوعا للآثار و الأحكام ضرورة أنّه حال انشقاق القمر غير متبيّن، لقاهريّة نور القمر و بعد مضيّ ربع ساعة أو أقلّ أو أكثر ينكشف تمام جهة الشرق فتدبّر.

الاستظهار من الآية الشريفة لنظريّة الأصحاب

هذا كلّه على تقدير كون كلمة «من» للتبيين و هو الظاهر منها.

و أمّا على تقدير كون كلمة «من» للتبعيض كما ذكره بعض المفسّرين فيتمّ ما ذكرناه أيضا لأنّ معناه حينئذ أنّ الخيط الأبيض من بعض الفجر، لا الفجر كلّه.

هذا بالنسبة إلى الآية الشريفة.

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 38

الاستظهار من السنّة لنظريّة الأصحاب

و أمّا بالنسبة إلى السنّة فقد استظهرنا المراد منها.

و لكن ينبغي الإشارة إلى ما ذكرناه، وفقا لما أفاده سماحة أستاذنا العلّامة قدّس سرّه فنقول:

أمّا خبر أبي بصير فقوله عليه السّلام: إذا اعترض الفجر فصار كالقبطيّة البيضاء ظاهر في أنّ موضوع حرمة الطعام و حلية الصلاة، اعتراض الفجر بحيث يكون كالقبطيّة البيضاء و هو أمر خارجيّ يتحقّق بقرب الشمس في حركتها نحو الأفق، أو حركة الأرض عليها نحوه، كان هناك غيم أو نور قمر أم لا و لعلّه واضح غير خفيّ.

و كذا خبر هشام، فإنّه بعد أن صرّح أنّ وقت صلاة الفجر حين يعترض الفجر. قال: فتراه مثل نهر سوراء، فإنّه يدلّ على أنّ أوّل وقت الصلاة هو اعتراض الفجر بحيث لو لم يكن هناك مانع لتراه مثل نهر سوراء، و إلّا يلزم أن لا تصحّ صلاة الفجر عند الغيم المانع عن الرؤية.

فما أفاده قدّس سرّه: من أنّ الكون كالقبطيّة و نهر سوراء و أمثال هذه التعبيرات لا ينطبق إلّا على التميّز الحسّيّ و الإضاءة الحسيّة فهو غير ظاهر.

و أمّا خبر عليّ بن مهزيار، و هو بزعم سماحة الأستاذ قدّس سرّه أظهر أخبار

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 39

الباب بل يراه كالنّص في مقاله فنقول:

إنّه بعد سؤال ابن الحصين عن أبي جعفر الثاني عليه السّلام عن أفضل الوقتين و أنّ في حال القمر و

الغيم، لا يتبيّن (تبين) حتّى يحمّر و يصبح. فكتب عليه السّلام: الفجر هو الخيط الأبيض، و هو يدلّ بوضوح على أنّ موضوع الحكم هو الخيط الأبيض لا تبينّه، ثمّ بعد عبارات قال عليه السّلام:

فالخيط الأبيض هو المعترض، فما هو الموضوع للحكم عنده عليه السّلام هو الخيط المعترض بوجوده الخارجي و قد أشرنا إلى أنّه إنّما يتحقّق بقرب الشمس بحركتها نحو الأفق أو حركة الأرض نحوه.

نعم صرّح عليه السّلام: بأنّه لا تصلّ في سفر، و لا حضر حتّى تبيّنه و تحرزه، و معناه: إنّه إن كنت في شكّ من تحقّق الخيط المعترض فلا تصلّ في سفر و لا حضر، و لا عند قاهريّة نور القمر و لا مع الغيم إلّا إذا تبيّن لك ذلك.

الاستظهار من فتاوى الأصحاب لما ذكرناه

و أمّا ظاهر كلمات الأصحاب و فتاواهم فلعلّه لا يحتاج إلى البيان بعد ما ذكرناه، و لذا تراهم بعد تصريح الفقيه الهمدانيّ قدّس سرّه بكون ما أفاده، ظاهر كلمات الأصحاب لم يفت به أحد من الأصحاب غير سماحة الأستاذ قدّس سرّه على ما هو الظاهر من عباراتهم، بل ربما يستظهر منها بل صريح مقالهم على الخلاف، و لذا ترى أنّ المؤذّنين في جميع البلاد

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 40

و الممالك الإسلاميّة حتّى في إيران الإسلاميّة لا يفرّقون بين اللّيالي المقمرة و غيرها في الإعلام بتحقّق الفجر، و طلوع الفجر الثاني.

فتحصّل ممّا ذكرناه من التفصيل: أنّ المستفاد من ظاهر الكتاب العزيز، و السنّة الشريفة و فتاوى الأصحاب هو موضوعيّة اعتراض الفجر و تبيّنه و تحقّقه في الأفق لترتّب الآثار، و المراد به تحقّق قرب الشمس في حركتها نحو الأفق أو حركة الأرض عليها بحيث يمكن رؤية ضوئها لو لم يكن

هناك مانع من نور القمر، أو الغيم أو العجّة، أو غيرها.

فموضوع الحكم في اللّيالي المقمرة متحقّق فعلا لا تقدير فيه، و لكن نور القمر مانع عن رؤيته.

عدم منافاة تحقّق الموضوع و اعتبار التقدير

و إن أبيت إلّا عن اعتبار التقدير في اللّيالي المقمرة على ما ذكرناه فلا يضرّ اعتباره بتحقق الموضوع لأنّ التقدير إنّما هو في الرؤية لا في المرئيّ فتدبّر و اغتنم.

الاستظهار لنظريّة الأصحاب بانخساف القمر

و ينكشف ما استظهرناه أنّه إذا انخسف القمر في نفس ذلك الوقت، لتبيّن البياض المعترض و كان مرئيّا على وجه الظهور و لا ينبغي الإشكال في ترتّب

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 41

الآثار و الأحكام عند ذلك و التفرقة بين حالتي الخسوف و عدمه كما ترى فتدبّر.

تأكيد المقال بنورانيّة جهة شرقيّ الأفق بالطاقة الذرّيّة

و ممّا يوضح المقال لو فرض نورانيّة الجهة الشرقية، نورانيّة أفق ناحية خاصّة بواسطة الطاقة الذرّيّة بحيث صار تمام جهة الشرق من الأفق بالنسبة إلى بلد الناظر حال اعتراض الخيط الأبيض منوّرا، فلا ينبغي الإشكال في جواز الصلاة و وجوب الإمساك في نفس الوقت لو انخمد النور، و يبعد التزامهما قدّس سرّهما بعدم ترتّب الأثر حال إشراق الطاقة الذرّيّة.

بعد اختلاف مبدء ترتب الآثار بين اللّيالي المقمرة و غيرها و عدم ملاءمة الاختلاف لارتكاز المتشرّعة

ثمّ إنّ مقتضى مقالهما قدّس سرّهما وجوب الإمساك في الصوم و جواز صلاة الفجر في ساعة اعتراض الخيط الأبيض في ليلة لم يكن القمر موجودا عند ذلك في الأفق أو لم يكن نوره قاهرا عند ذلك- نفرض إنّها اللّيلة الثانية عشرة من الشهر- و عدم وجوب الإمساك و عدم جواز الصلاة في الليلة التالية و هي الليلة الّتي يقهر نور القمر على البياض المعترض- نفرض إنّها الليلة الثالثة عشرة من الشهر- بل لزوم تأخيرها إلى ربع

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 42

ساعة، أو أكثر، أو أقلّ، ثمّ بعد عشرة ليال تقريبا حيث لم يكن القمر موجودا عند ذلك في الأفق، أو لم يكن نوره قاهرا، يجب الإمساك، و تجوز الصلاة قبل تلك الساعة و يبعد الالتزام به، و كأنّه لا يلائمه ارتكاز المتشرّعة فتدبّر.

ثمّ إنّه لو أخّر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم صلاة الفجر في اللّيالي المقمرة في جماعة المسلمين في كلّ شهر، و هو يستوعب ثلث الشهر تقريبا، لظهر و بان و انتشر بين الأمّة الإسلاميّة لتوفّر الدواعي إليه، مع أنّه لم تر من ذلك عينا و لا أثرا في الآثار و الأخبار فلو كان لبان.

تضعيف اعتراف العلّامة الخوانساريّ قدّس سرّه بمقال العلمين

و بما ذكرنا كلّه يظهر ضعف ما أفاده العلّامة الخوانساريّ قدّس سرّه حيث اعترف بمقال الفقيه الهمدانيّ قدّس سرّه على تقدير كون اعتراض الفجر و تبيّنه موضوعا للحكم «1».

و ذلك لما أشرنا إليه من أنّ المراد بتبيّن الخيط الأبيض هو وصول شعاع الشمس إلى حدّ من الأفق بحيث لو لم يكن هناك مانع لتبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود فكما أنّه عند الغيم و العجّة يكون التبيّن فعليّا و لكن لم يظهر

للناظر فكذلك عند قاهريّة نور القمر يكون التبيّن فعليّا و

______________________________

(1) جامع المدارك، ج 1/ 242.

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 43

لكن لا يظهر للناظر لما ذكرنا أنّ وزانه وزان نور ضعيف لسراج في نور شديد لسراج آخر، فلا منافاة بين تحقّقه و بين عدم ظهوره للناظرين عند قاهريّة نور المقر.

هذا كلّه على تقدير كون التبيّن موضوعا للأثر.

تضعيف نظريّة العلمين على كون اعتراض الفجر و تبيّنه طريقا

و أمّا إن قلنا بأنّ اعتراض الفجر و التبيّن في الآية الشريفة و الأخبار طريق إلى تحقّق طلوع الفجر فالأمر أوضح من أن يخفى.

و ذلك لأنّه إذا علم بالموازين العلميّة و غيرها، طلوع الفجر و اعتراضه بالفعل في الأفق فتترتّب عليه الآثار و الأحكام و لو لم يتبيّن بالرؤية البصريّة لقاهريّة نور القمر عليه و يكون ذلك أشبه شي ء بوقوع نور سراج ضعيف في نور سراج قويّ، فكما أنّ النور الضعيف في شعاع النور القويّ موجود و لكن لا ظهور له، فكذلك عند إشراق نور القمر يكون البياض المعترض متحقّقا و لكنّه مقهور بنور القمر.

استشهاد العلّامة الخوانساريّ قدّس سرّه لأماريّة التبيّن

و قد استشهد العلّامة الخوانساريّ قدّس سرّه لأماريّة التبيّن بأمرين:

أحدهما: قول أبي جعفر الثاني عليه السّلام في خبر عليّ بن مهزيار المتقدّم

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 44

«فالخيط الأبيض هو المعترض الذي يحرم به الأكل. «1»»

و الثّاني: قوله عليه السّلام في الخبر بعد السؤال عن أنّه كيف يصنع مع الغيم؟

«لا تصلّ في سفر و لا حضر حتّى تبيّنه «2»» لأنّه لا يلائم إلّا مع كون التبيّن طريقا، لأنّه من المعلوم أنّه مع عدم ظهور الفجر بواسطة الغيم يحرم الأكل و الشرب و تجب الصلاة مع طلوع الفجر واقعا.

ثمّ أيّد قدّس سرّه مقاله لعدم موضوعيّة التبيّن بما رود في بعض الأخبار من تعيين وقت بعض النوافل في الفجر الكاذب «3» فإنّه مع القمر لا يظهر الفجر الكاذب و الفجر الصادق يقابله، فإذا قيل لا تصلّ عند طلوع الفجر الكاذب، و صلّ عند طلوع الفجر الصادق لا يفهم من هذا الكلام إلّا الوجود الواقعيّ منهما و إن لم يتبيّنا ثمّ أعقب كلامه بالتأمّل.

ثمّ قال قدّس سرّه و على تقدير

الإجمال في المراد بالتبيّن لا وجه لرفع اليد عمّا يظهر منه موضوعيّة نفس الطلوع واقعا كما هو لسان غير واحد من الأخبار. انتهى كلامه زيد في علوّ مقامه «4».

______________________________

(1) الوسائل باب 28، من أبواب المواقيت، ح 4.

(2) الوسائل باب 28، من أبواب المواقيت، ح 4.

(3) الوسائل، باب 50، 52، 53، من أبواب المواقيت.

(4) جامع المدارك، ج 1، ص 243.

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 45

و لكن عرفت بما لعلّه لا مزيد عليه عدم منافاة موضوعيّة التبيّن مع قاهريّة نور القمر أيضا.

و حاصله مانعيّة قاهريّة نور القمر عن تبيّن رؤية الخيط الأبيض من الأسود لا عن تحقّقه كما هو الشأن مع الغيم و إن كان بينهما فرق من جهة أو جهات أخرى كما لا يخفى.

و إن كنت مع ذلك في ريب من موضوعيّة التبيّن و تحقّقه عند قاهريّة نور القمر فما أفاده قدّس سرّه في تقريب أماريّة التبيّن وجه وجيه حقيق بالقبول فافهم و اغتنم.

ظهور الفجر الكاذب في اللّيالي المقمرة

لعلّ وجه التأمّل في كلامه قدّس سرّه الإشارة إلى ظهور الفجر الكاذب في اللّيالي المقمرة، بخلاف الفجر الصادق، فإنّه ببروق عمود الفجر في الأفق يمكن رؤيته كما لا يخفى على اللّبيب.

يشير إلى ما ذكرناه ما روى عن السيّد بن طاوس قدّس سرّه في كتاب سعد السعود ص 284.

إنّه ذكر أبو عمر الزاهد، و اسمه محمّد بن عبد الواحد بإسناده: أن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام.

قال: يا أبا عبّاس: إذا صلّيت العشاء الآخرة

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 46

فالحقني إلى الجبّانة «1» قال: فصلّيت، و لحقته، و كانت ليلة مقمرة، قال:

فقال لي: ما تفسير الألف من الحمد؟

قال: فما علمت حرفا أجيبه، قال: فتكلّم في تفسيرها ساعة تامّة.

ثمّ قال

لي: فما تفسير اللّام من الحمد؟

قال: فقلت: لا أعلم، فتكلّم في تفسيرها ساعة تامّة.

قال: ثمّ قال: [ما تفسير الحاء من الحمد؟ قال: قلت:

لا أعلم فتكلّم في تفسيرها ساعة تامّة ثمّ قال «2»:] فما تفسير الميم من الحمد؟

فقلت: لا أعلم، قال: فتكلّم فيها ساعة تامّة.

قال: ثمّ قال: ما تفسير الدال من الحمد؟

قلت: لا أدري، فتكلّم فيها إلى أن برق عمود الفجر.

قال: فقال لي: قم أبا عبّاس إلى منزلك، و تأهّب لفرضك.

______________________________

(1) الجبّان، و الجبّانة: الصحراء، و تسمّى بها المقابر، لأنّها تكون في الصحراء، تشبيه الشّي ء بموضعه، و عن المغرب: الجبانة المصلّى العامّ في الصحراء. و في الحديث إنّما الصلاة يوم العيد على من خرج إلى الجبّانة.

(2) قد سقطت هذه القطعة من الأصل على ما حكي.

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 47

قال أبو العبّاس- عبد اللّه بن العبّاس- فقمت، و قد وعيت كلّ ما قال، ثمّ تفكّرت فإذا علمي بالقرآن في علم عليّ عليه السّلام كالقرارة «1» في المثعنجر «2».

قلت: فإنّه يدلّ بوضوح: أنّه رأى ابن عبّاس بروق عمود الفجر- الفجر الكاذب- في اللّيلة المقمرة، فأمره أمير المؤمنين عليه السّلام بالذهاب إلى منزله، و التأهّب لفريضة الفجر فتدبّر.

نتيجة المقال في المسألة و طريق الاحتياط

يظهر ممّا ذكرنا بطوله: أنّ المتحصّل من الآية الشريفة و أخبار الباب و فتاوى الأصحاب و ارتكاز المتشرّعة هو عدم الفرق بين اللّيالي المقمرة و غيرها في تحقّق الفجر و جواز الصلاة و وجوب الإمساك إذا اقتضته الموازين العلميّة و غيرها و يكون أخذ التبيّن و الاعتراض في نصوص الباب جاريا مجرى الغالب بحيث لو لم يكن هناك مانع لكان متبيّنا و معترضا من غير فرق بين كون أخذ التبيّن أو الاعتراض مأخوذا على نحو الموضوعيّة أو الطريقيّة.

فإذا

اقتضت الموازين العلميّة تحقّق البياض المنتشر في الأفق و تبيّنه

______________________________

(1) القرارة: الغدير، أو الغدير الصغير.

(2) المثعنجر: البحر، أو أكثر موضع في البحر ماء.

لاحظ بحار الأنوار: ج/ 92 من الطّبعة الإسلاميّة، ص 104.

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 48

يحكم بتحقّق طلوع الفجر و يترتّب عليه آثارها من جواز صلاة الفجر و وجوب الإمساك في الصوم عند ذلك، من غير فرق بين كون عدم الرؤية مستندا إلى وجود الغيم في السماء أو العجّة أو نورانيّة الأفق بواسطة غلبة نور القمر، أو الطاقة الذرّيّة أو غيرها.

و طريق الاحتياط واضح فيحتاط بالإمساك في الصوم في وقت اقتضته الموازين العلميّة و غيرها، و يؤخّر صلاة الفجر إلى وقت تحقّق البياض المنتشر في الأفق.

هذا ما تحقّق لدى القاصر عجالة في هذه المسألة الكثيرة الابتلاء.

و اللّه العالم بموضوعات أحكامه و هو الهادي إلى الصواب.

تأييد للمقال بمسألة تغيّر الماء

ثمّ إنّه لتوضيح الحال فيما ذكرناه من أنّ بعض أنحاء التقدير لا ينافي الفعليّة، لترتّب الآثار المطلوبة عليه ينبغي الإشارة إلى ما استفدناه من مجلس بحث أستاذنا العلّامة البروجرديّ قدّس سرّه في مسألة تغيّر الماء.

و إليك حاصل ما استفدناه:

إنّه بعد اتّفاق علماء الإسلام على تنجّس الماء بتغيّر الماء بوقوع النجاسة فيه بأحد أوصافه الثلاثة من الريح أو الطعم أو اللّون اختلفوا فيما إذا كانت ملاقاة النجاسة للماء بحيث لو لم يكن هناك مانع عن الرؤية

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 49

لأثّرت النجاسة في الماء بأحد أوصافه الثّلاثة و لكن لوجود المانع لم تظهر صفة النجاسة فيه كما إذا لوّن الماء بلون أحمر طاهر، فأريق فيه الدم النجس، فعن المشهور النجاسة فيكون التغيّر التقديريّ كالحسّي موضوعا لترتّب النجاسة و عن جملة من الأساطين منهم العلّامة

الفقيه الهمدانيّ قدّس سرّه في كتاب الطهارة من «مصباح الفقيه» و العلّامة الفقيه الطباطبائيّ قدّس سرّه في كتاب «العروة الوثقى» و ثلة من المعلّقين عليه عدم النجاسة عند ذلك.

مقال الفقيه الهمدانيّ في اعتبار التغيّر الفعلي في تنجّس الماء

قال العلّامة الهمدانيّ قدّس سرّه:

«لا يكفي في انفعال الماء الجاري التغيّر التقديريّ كما عن المشهور، بل يعتبر أن يكون فعليّا لإناطة الحكم به في ظواهر الأدلّة، و هو عبارة عن تبدّل كيفيّة الماء بالفعل، فلو وقع فيه مقدار من النجس بحيث لو لم يكن موافقا له في الصفة لانفعل، لا ينجّس من دون فرق بين أن يكون المانع عن التغيّر اتّحادهما في الأوصاف ذاتا بمقتضى طبعهما النوعيّ كالماء الصافي مع البول، أو في خصوص شخص باعتبار صفته الأصليّة، كما في النفط و الكبريت الموافق لبعض النجاسات في صفتها، أو لعارض في النجس كما لو أزيلت صفته بحبوب الرياح أو في الماء كما لو صبغ

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 50

بطاهر أحمر فأريق فيه الدم فالأظهر عدم انفعال الماء في جميع الصور خلافا للمحكيّ عن العلّامة قدّس سرّه و جماعة ممّن تأخّر.

كلام المشهور حول تنجّس الماء، ببعض أنحاء التغيّر التقديريّ

قال قدّس سرّه في محكيّ القواعد و المنتهى:

«لو وافقت النجاسة الماء في صفاته فالأقرب الحكم بنجاسة الماء إن كان يتغيّر بمثلها على تقدير المخالفة و إلّا فلا، و يحتمل عدم التنجّس لعدم المقتضي و هو البعيد.»

ثمّ ذكر قدّس سرّه وجها لتوجيه مقال العلّامة قدّس سرّه بأنّ: «نجاسة الماء مسبّبة عن غلبة النجاسة الواقعة فيه و التغيّر كاشف و المانع إنّما يمنع عن ظهور وصف التغيّر لا عن تأثير ما هو علّة تامّة للتنجّس فإذا أحرز وجوده بأمارة أخرى كما هو المفروض يحكم بثبوت أثره و لو لم يحصل تغيّر بالفعل.»

ثمّ ناقش في مقاله بأنّ: «الظاهر من الأخبار هو كون التغيّر بنفسه مؤثّرا في التنجّس لا أنّه كاشف عن وجود المؤثّر» انتهى كلامه قدّس سرّه «1».

أنحاء تغيّر الماء

و لكنّ الأقرب ما عليه المشهور و توضيح ذلك يظهر بذكر أنحاء التغيّر.

______________________________

(1) كتاب الطهارة من مصباح الفقيه، ص 11.

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 51

و ذلك أنّ تغيّر الماء، تارة يكون حسيّا يدرك بإحدى الحواسّ الظاهرة بأن كان تغيّر لونه مبصرا بالباصرة، و طعمه مذوقا بالذائقة و ريحه مشمومة بالشامّة. و أخرى يكون واقعيّا بأن يكون له وجود واقعيّ فيه و لكنّه لم يظهر للحسّ لضعفه كما إذا ألقي مقدار من الدم في الماء مثلا بحيث لم يوجب تغيّر الماء حسّا مع القطع بحصول تغيّر الماء بذلك واقعا لانتشار أجزاء الدم فيه و تغيّر لون الماء به و لكن لم يكن بحيث يظهر لونه على الحسّ و ثالثة يكون تقديريّا بحيث لم يظهر أثر النجاسة فيه إمّا لعدم المقتضي للتغيّر بأن كان الدم الملقى في الماء رقيقا خفيف اللّون بحيث لو كان ذلك المقدار من الدم

غليظا شديد اللّون لأوجب ذلك المقدار تغيّرا في الماء. و إمّا لعدم الشرط بأن كان الهواء مثلا باردا بحيث لو كان حارّا لا وجب التغيّر لأنّ للحرارة شرطيّة في تعفّن الميتة مثلا أو سرعته، فإن وقعت الميتة في الماء في الشتاء و مضت عليه أيّام بحيث لو كانت في الصيف لأوجب تغيّره، فعدم تغيّر الماء في الشتاء لعدم الشرط. و إمّا لوجود المانع عن ظهور التغيّر في الباصرة مثلا كما لو لوّن الماء بلون أحمر طاهر، فوقع فيه الدم و لم يظهر أثره للباصرة و لكن يكون ذلك بحيث لو لم يكن الماء ملوّنا لأوجب تغيّره.

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 52

حكم أنحاء التغيّر

لا إشكال في تنجّس الماء في التغيّر الحسّيّ لأنّ موضوع الحكم بالنجاسة هو التغيّر بنظر العرف المنزّلة عليه الخطابات الشرعيّة.

و أمّا التغيّر الواقعيّ إذا لم ير العرف تغيّرا في الماء فلا يكفي في الحكم بالنجاسة لعدم تحقّق ما هو الموضوع للنجاسة عرفا.

و أمّا التغيّر التقديريّ ففي الصورة الأولى منه لا ينبغي الإشكال في عدم التنجّس لعدم التغيّر حقيقة بل تكون في الحقيقة هذه الصورة من التقديريّ الواقعيّ و ظاهر الأخبار فعليّة التغيّر و المفروض عدم المقتضي له فلا موجب للتنجّس.

و كذا الصورة الثانية لعدم مساعدة العرف فهم هذا النحو من التغيّر من الأخبار.

الحكم بالنجاسة ببعض أنحاء التغيّر التقديريّ

و أمّا الصورة الثالثة فالظاهر هو الحكم بالنجاسة لحصول التغيّر في الماء واقعا لتماميّة المقتضي و الشرط بل و عدم المانع لأنّ اللّون الأحمر مانع عن درك التغيّر بالحسّ فالمانع إنّما منع عن رؤية الدم مثلا في الماء لا عن حصول التغيّر.

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 53

و بالجملة التغيّر إنّما هو في الرؤية لا في المرئيّ نعم إذا كان الشي ء مانعا عن التغيّر واقعا لا عن مشاهدته، كما إذا كان الماء مشتملا على الأجزاء الكبريتيّة أو الملحيّة و نحوهما المانعة عن تعفّن الماء بوقوع الميتة مثلا فيه و تأثيرها فيه فالظاهر عدم الحكم له بالنجاسة لعدم حصول التغيّر حقيقة فيه لا أنّه حصل و لم يظهر للحسّ فهو في الحقيقة من قبيل الصورة الثانية- و هي ما إذا كان عدم حصول التغيّر لعدم وجود الشرط- بل يمكن إدراجه بوجه في الصورة الأولى فتدبّر.

فظهر و تحقّق ممّا ذكرناه ضعف ما عليه جملة من الأساطين من الحكم بعدم الانفعال في جميع صور التقديريّ حتّى في صورة وجود المانع عن الحسّ.

توجيه مقال جملة من الأساطين لعدم انفعال الماء بجميع أنحاء التغيّر التقديريّ

نعم ربما يوجّه مقالهم باستحالة اجتماع المثلين، فإذا كان الماء مثلا ملوّنا بمثل لون النجاسة، بأن كان أحمر فألقي فيه الدم النجس لا يتلوّن الماء بالدم ثانيا، و إلّا يلزم اجتماع المثلين فلا تغيّر في الماء حتّى واقعا.

و مقتضاه أنّه لو أريق الدم في الماء أوّلا ثمّ ألقي فيه اللّون الأحمر يصير الماء نجسا لاستناد التغيّر واقعا بالدم و الدم علّة تامّة له.

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 54

و قد يوجّه مقالهم بأنّه لو أريق الدم في الماء الصافي يكون تغيّر الماء معلولا و مستندا إلى الدم و هو علّة تامّة له بخلاف ما

لو صبغ الماء أوّلا بطاهر أحمر ثمّ أريق فيه الدم فإنّه لم يكن التغيّر حينئذ مستندا إلى الدم.

تضعيف ما يوجّه به مقالهم

و لكنّه كما ترى غير وجيه أمّا حديث اجتماع المثلين ففيه: أنّه كما أفيد:

«إنّ حقيقة صبغ الماء بلون أحمر مثلا هو وصول كلّ جزء من أجزاء اللّون إلى أجزاء الماء لما حقّقه أهله أنّ نفس أجزاء الماء لا تتحمّل لونا و إنّما التلوّن عبارة عن وصول كلّ جزء من أجزاء اللّون إلى كلّ جزء من أجزاء الماء فيرى الماء أحمر، و هذا المعنى حاصل في الماء الأحمر الممزوج بالدم.»

و أمّا الوجه الاعتباريّ ففيه أنّ المفهوم من أدلّة تنجّس الماء بالتغيّر بوقوع النجاسة فيه هو كون ما ألقي في الماء غالبا عليه بلحاظ كثرته أو غلظته أو طول مكثه فيه أو نحو ذلك بحيث يكون مؤثّرا اقتضائيّا فعليّا و هذا المعنى موجود في المانع عن ظهور أثر التغيّر فيه لأنّ المانع إنّما يمنع عن ظهور وصف التغيّر حسّا لا عن تأثيرها الّتي هي علّة تامّة للتنجّس.

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 55

نعم لا بدّ من إحراز وجود المقتضي بهذا النحو بأن كانت النجاسة الملقاة مماثلة للمقتضي الفعلي في الجهات الّتي لها دخل في الاقتضاء كبرودة الهواء و حرارته و حلاوة الماء و ملوحته و خفّة الماء و ثقالته إلى غير ذلك فإن لم تحرز ذلك و احتمل الفرق من جهة أو جهات فمقتضى الأصل الطهارة.

فتحصّل أنّ الميزان في نجاسة الماء بالتغيّر حسبما يفهمه العرف هو كثرة النجاسة و غلبتها عليه و يرى أنّ التغيّر الفعلي كاشف عن غلبة النجاسة لا أنّه نفس المؤثّر و لازم ذلك هو أنّه لو أحرز وجوده من غير جهة التغيّر كما

هو المفروض يحكم بثبوت أثره و هو النجاسة.

نعم لو فرض كون النجاسة الواقعة في الماء مسلوبة الصفات من جميع الجهات فيشكل الحكم بنجاسة الماء و لكنّه مجرد فرض لا خارجيّة له، لأنّه لو فرض وجود بول مثلا مسلوبة الصفات من جميع الجهات لا يكون ذلك في الحقيقة بولا فتأمّل.

فانقدح بما ذكرنا كلّه ضعف التفرقة بين صبغ الماء أوّلا بلون طاهر ثمّ إلقاء الدم فيه و بالعكس بالحكم بالطهارة في الأوّل دون الثاني لأنّه في كلتا الصورتين يكون النجس غالبا و قاهرا على الماء و هو العلّة في الحكم بالتنجّس.

هذا ما تحقّق لهذا العبد عجالة في مسألة طلوع الفجر في اللّيالي

طلوع الفجر في الليالي المقمرة، ص: 56

المقمرة، و مسألة التغيّر.

و الحمد للّه أوّلا و آخرا و ظاهرا و باطنا و هو العالم بحقائق موضوع أحكامه و أحكامه.

كان الفراغ من هذه الوجيزة يوم الإثنين لثلاث خلون من الجمادي الثانية يوم ارتحال جدّتي فاطمة الزهراء عليها السّلام على الأقرب «1» الموافق لسنة ألف و أربعمائة و عشر- 1410- هجريّة قمريّة في بلدة قمّ المحميّة حرم أهل البيت و عشّ آل محمّد عليهم السّلام.

لفّقه أقلّ خدمة الفقه و الدين السيّد محمّد حسن المرتضويّ اللنگروديّ عفى اللّه عمّا تقدّم من ذنبه و ما تأخّر.

______________________________

(1) لأنّه و إن اختلفت الأقوال في مدّة مكثها بعد ارتحال النبيّ الأكرم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فالمكثر يقول ستّة أشهر و المقلّل يقول أربعون يوما، إلّا أنّ المختار بين محقّقي المحدّثين أنّها عليها السّلام مكثت بعد أبيها صلوات اللّه عليهما و آلهما خمسة و تسعين يوما، و قبضت في ثالث جمادى الآخرة لما روي عن محمّد بن جرير الطبريّ الإماميّ بسند

معتبر عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام قال: قبضت فاطمة عليها السّلام في جمادى الآخرة يوم الثلاثاء، لثلاث خلون منه سنة إحدى عشرة من الهجرة و كان سبب وفاتها أنّ قنفذ مولى عمر نكزها بنعل السيف بأمره فأسقطت محسنا و مرضت من ذلك مرضا شديدا و لم تدع أحدا ممّن آذاها يدخل عليها.

ما ذكرناه مقتبس ممّا أورده شيخنا المحدّث القمّيّ رحمه اللّه في بيت الأحزان.

________________________________________

لنگرودى، سيد محمد حسن مرتضوى، طلوع الفجر في الليالي المقمرة، در يك جلد، مؤسسه انصاريان، قم - ايران، اول، 1425 ه ق

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.